.الموشحات والأزجال في المشرق:
وكان لعامة بغداد أيضا فن من الشعر يسمونه المواليا وتحته فنون كثيرة يسمون منها القوما وكان وكان ومنه مفرد ومنه في بيتين ويسمونه دوبيت على الإختلافات المعتبرة عندهم في كل واحد منها وغالبها مزدوجة من أربعة أغصان وتبعهم في ذلك أهل مصر القاهرة وأتوا فيها بالغرائب وتبحروا فيها في أساليب البلاغة بمقتضى لغتهم الحضرية فجاؤوا بالعجائب ورأيت في ديوان الصفي الحلي من كلامه أن المواليا من بحر البسيط وهو ذو أربعة أغصان وأربع قواف ويسمى صوتا وبيتين وأنه من مخترعات أهل واسط وأن كان وكان فهو قافية واحدة وأوزان مختلفة في أشطاره: الشطر الأول من البيت أطول من الشطر الثاني ولا تكون قافيته إلا مردفة بحرف العلة وأنه من مخترعات البغداديين وأنشد فيه لنا:بغمز الحواجب حديث تفسير ومنو أوبو وأم الأخرس تعرف بلغة الخرسان انتهى كلام الصفي ومن أعجب ما علق بحفظى منه قول شاعرهم:
هذي جراحي طريا ** والدما تنضحوقاتلي يا أخيا ** في الفلا يمرحقالوا وناخذ بثارك ** قلت ذا أقبحإلى جرحتي يداويني ** يكون أصلحولغيره:
طرقت باب الخبا قالت من الطارق ** فقلت مفتون لا ناهب ولا سارقتبسمت لاح لي من ثغرها بارق ** رجعت حيران من بحر أدمعي غارقولغيره:
عهدي بها وهي لا تأمن علي البين ** وان شكوت الهوى قالت فديتك العينلمن يعاين لها غيري غلام الزين ** ذكرتها العهد قالت لك على دينولغيره في وصف الحشيش:
دي خمر صرف التي عهدي بها باقي ** تغني عن الخمر والخمار والساقيقحبا ومن قحبها تعمل على احراقي ** خبيتها في الحشى طلت من احداقيولغيره:
يا من وصالو لأطفال المحبة بح ** كم توجع القلب بالهجران أوه أحأودعت قلبي حوحو والتصبر بح ** كل الورى كخ في عيني وشخصك دحولغيره:
ناديتها ومسيبي قد طواني طي ** جودي علي بقبلة في الهوى يا ميقالت وقد كوت داخل فؤادي كي ** ما ظن ذا القطن يغشى فم من هو حيولغيره:
راني ابتسم سبقت سحب أدمعي برقه ** ماط اللثام تبدي بدر في شرقهاسبل دجى الشعرتاه القلب في طرقه ** رجع هدانا بخيط الصبح من فرقهولغيره:
يا حادي العيس ازجر بالمطايا زجر ** وقف على منزل أحبابي قبيل الفجروصيح في حيهم يا من يريد الأجر ** ينهض يصلي على ميت قتيل الهجرولغيره:
عيني التي كنت ارعاكم بها باتت ** ترعى النجوم وبالتسهيد اقتاتتوأسهم البين صابتني ولا فاتت ** وسلوتي عظم الله أجركم ماتتولغيره:
هويت في قنطرتكم يا ملاح الحكر ** غزال يبلى الأسود الضاريا بالفكرغصن اذا ما انثنى يسبي البنات البكر ** وان تهلل فما للبدر عندو ذكرومن الذي يسمونه دوبيت:
قد اقسم من أحبه بالباري ** أن يبعث طيفه مع الاسحاريا نار أشواقي به فاتقدي ** ليلا فعساه يهتدي بالنارواعلم أن الأذواق كلها في معرفة البلاغة إنما تحصل لمن خالط تلك اللغة وكثر استعماله لها ومخاطبته بين أجيالها حتى يحصل ملكتها كما قلناه في اللغة العربية فلا يشعر الأندلس بالبلاغة التي في شعر أهل المغرب ولا المغربي بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمشرق ولا المشرقي بالبلاغة التي في شعر الأندلس والمغرب لأن اللسان الحضري وتراكيبه مختلفة فيهم وكل واحد منهم مدرك لبلاغة لغته وذائق لمحاسن الشعر من أهل جلدته وفي خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم آيات للعالمين وقد كدنا نخرج عن الغرض.وجاء مصليا خلفه منهم ابن رافع رأس شعراء المأمون ابن ذي النون صاحب طليطلة قالوا وقد أحسن في ابتدائه في موشحته التي طارت له حيث يقول:
العود قد ترنم بأبدع تلحين ** وسقت المذانب رياض البساتينوفي انتهائه حيث يقول:
تخطر ولا تسلم عساك المأمون ** مروع الكتائب يحيى بن ذي النونثم جاءت الحلبة التي كانت في دولة الملثمين فظهرت لهم البدائع وسابق فرسان حلبتهم الأعمى الطليطلي ثم يحيى بن بقي وللطليطلي من الموشوحات المهذبة قوله:
كيف السبيل إلى ** صبري وفي العالم أشجانوالركب وسط الفلا ** بالخرد النواعم قد بان